
ومضى عام!
لا أكاد أصدق مضي عام كامل على استقالتي من الجامعة وبداية المرحة الجديدة!
ولعل عدم تصديقي لسرعة مضي الوقت يدل على أنه كان، بفضل الله سبحانه، عاماً جيداً وحافلاً!
فبعدما كانت هويتي وحياتي متمحورة حول الجامعة والعمل الأكاديمي في التدريس والبحث العلمي، أتى ذلك القرار التاريخي (الصعب!) بتغيير الوجهة!
وكما تحدثت في مقالة نحو المستقبل، لم يكن الطريق المستهدف واضح الملامح، وإنما كان التوجه هو لإعادة اكتشاف الذات وتلمس الطريق بتأني وصبر وجدية، وببعض المشاريع والأهداف المبدئية.
قرار الاستقالة!
وقبل الشروع في نتائج (وإنجازات!) هذا العام، وجب علي إجابة السؤال الملحّ: هل ندمتُ على القرار؟
هل ندمتُ على ترك ما بنيته في العالم الأكاديمي كل هذه السنين؟
والجواب، بكل وضوح وثقة وامتنان، هو “لا”!
لو رجع بي الزمن للوراء، لاتخذت نفس القرار!
نعم، لم يتضح الطريق بشكل تام..
نعم، لم يستقرّ بي الحال (ولا زالت هويتي العملية “مرنة” بعض الشيء!)
ولكنني احس براحة نفسية، والحمدلله..
أحس باطمئنان، وأن الأمور على ما يرام..
أكاد، ولله الحمد والفضل، أحس برعاية الرحمن..
بأني، ورغم عدم استيعابي التام لشكل الطريق وللمستقبل الآتي، أسير بشكل جيّد..
إنه عكس الشعور الماضي، حيث كنتُ “مستقراً” في العمل الأكاديمي ذو الملامح الواضحة لسنوات!
وخرجت من منطقة “الأمان” تلك، إلى منطقة “أمان” أوسع!!!!!!
خرجت من الشعور بالأمان فيما أعلم، إلى الشعور بالأمان فيما لا أعلم!
كيف لا، وأنا الآن في كنف الرحمن؟!
فلله الحمد من قبل ومن بعد..
ماذا أنجزت؟
عذراً، هل هذا هو السؤال المناسب؟
أعلم أنه هو السؤال المتوقع، والذي يتبادر إلى ذهنك عزيز الزائر الصديق!
ولكن ما الدنيا؟ لم العجلة؟
لقد كنت بين جنبات الجامعات مدة ربع قرن تقريبا، فليس من العدل أن ألزم نفسي بإنجازات لامعة في أول عام (أو بضعة أعوام!!!)
لقد قررت أخذ الأمور بهدوء، وأن أقوم بتقييم احساسي الداخلي وراحتي النفسية، بالإضافة إلى قدرتي على العطاء وخدمة المجتمع في مجالات أخرى.
ومن هذا المنطلق، الراحة النفسية والقدرة على العطاء، أستطيع القول أن العام الأول كان، رغم هدوءه النسبي، ناجحاً ولله الحمد.
لقد تغير تفكيري في الحياة شيئاً يسيراً، وتغيّر تفكيري في حقيقة الوقت وفي القيمة المتبادلة مع الآخر، شيئاً غير يسير!
لقد قيل لي أنني أبدو الآن أكثر ارتياحاً ونشاطاً وثقة! ولله الحمد!
أما كنت لا تزال تتسائل، عزيزي الزائر الصديق، عن بعض ما قد أنجزت هذا العام، حسناً!
لك – بعد التوكل – شيئاً من ذلك:
١. قمتُ، بتوفيق الله سبحانه، بإتمام العمل في مشروع استشاري مميز بالتعاون مع المبدعين في شركة الآفاق للاستشارات الاحصائية وذلك لصالح شركة عمانتل، أكبر شركة اتصالات في عُمان.
٢. قمتُ بنشر إصداري الأول، كتاب “تــأمّــلات: مقالات وخواطر تدوينية“، ولله الفضل والمنة!
٣. قمت بتطوير مدوناتي (تــأمّــلات و Mobile Computer Blog) شيئاً يسيراً وبدأت الخطى نحو نقلهما إلى المرحلة التالية، ولكن تجمد العمل في ذلك بسبب الإنجاز الرابع!
٤. عملت في مجال التدريب عبر المركز الدولي للتدريب الحديث أولاً، ثم عبر معهد إدارة التغيير. لقد كان عنوان التحركات في هذا المجال: “إزرع اليوم، لتحصد غداً!” ونتطلع إلى ثمار جميلة قريباً بإذن الله.
٥. وُلد ابني عمر في نوفمبر من العام الماضي، والحمدلله رب العالمين!
نعم، ليس هذا إنجازاً بالمعنى المباشر، فإن ذلك رزق الله وفضله، وليس لي فيه شيء!
ولكن، هذا مما أسعدني في هذا العام الأول وأشغل وقتي وذهني وجهدي!
حسناً، هذه هي الإنجازات الأساسية في عامي الأول، بالإضافة إلى قضائي مزيداً من الوقت مع أبنائي، وقيامي بترتيب مكتبي في البيت بشكل أفضل، وبعض الأعمال الصغيرة الأخرى!
ماذا عن المستقبل؟
سيستمر المستقبل على نفس النهج.. نهج الاستكشاف..
استكشاف الطريق.. واستكشاف الذات!
هناك أعمال أساسية في الإستشارات والكتابة والتدريب، بالإضافة إلى استمرار النمو في الجوانب الشخصية والعائلية..
وأما عن شكل وهيئة العام القادم وأين سأصل، فهذا في علم الله!
عليّ الجهد.. وعليّ المثابرة.. وعليّ الصبر..
والله كفيلي ووكيلي ورازقي!
وهذا أخي، هو النهج المطلوب على الإنسان في الدنيا، فلله الحمد والشكر..
وفقنا الله وإياكم..