قمنا في الاسبوع الماضي بتغطية خاصة لسوق منتجات روّاد الأعمال بندوة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وقد تعلّمنا عددا من الدروس المهمة والتي سنفصّل الحديث عنها في مقالات قادمة إن شاء الله..
وقد ابتدأنا الحديث في هذه السلسلة عن مباديء تسويقية أساسية وهي التسويق كتعريف عملي و الحاجة السوقية و الحاجة الأساسية.. ونتحدّث اليوم عن مبدأ آخر مهم وهو “إنطباع الزبون”..
كثيرا ما يجتهد أصحاب الشركات الصغيرة ويقضون الساعات والأيام العديدة لانتاج وتوزيع ما يرونه مناسبا للزبائن، ثم يفاجئون بعزوف السوق أو عدم تقدير الزبائن لهذه المنتجات.. ويكون نتيجة لذلك احباط وربما شيء من اليأس..
فقد يبذل المرء جهدا كبيرا لجمع العسل وانتقاءه وتعليبه وتوزيعه، ثم يفاجأ بتجاهل الزبائن أو بعدم رضاهم.. وقد يبذل جهدا متفانيا في خدمة الزبون ومحاولة تلبية حاجاته، ثم يفاجأ باللامبالاة أو حتى بالانتقاد..
إن للزبون خواص وحاجات كثيرة ومعقدة تؤثر بها عوامل تكاد لا تُحصى.. وهناك مجال علمي كامل ضمن علوم التسويق يُسمى بسلوك المستهلك يحاول فك شفرة سلوك وتفكير الزبون وكيفية التأثير على قراراته الشرائية..
ويعنينا هنا من كل ذلك مبدأ “إنطباع الزبون”، أي أن إنطباع الزبون عن المنتج – حتى وإن كان مخالفا للواقع – هو ما يهم في قرار الشراء وفي إحتمالية رضى الزبون..
مثلا، إن جاءك زبون وذاق شيئا من الحلوى واشتكى من كمية السكر الكبيرة، فهذا الذي سيؤثر على قرار شرائه وليس حقيقة أنك لم تكثر من السكر! وإن جاءك زبون واشتكى من سوء الخدمة – رغم جهدك في إرضاءه – فإن هذا ما سيخلد في ذاكرته!
فكيف يمكنك وأنت صاحب الشركة الصغيرة أن تتعامل مع هذا الوضع رغم قلة إمكانياتك وضيق وقتك؟
أولاً، حدّد وسجّل الحاجة الأساسية لزبائنك.. فإن فهمك لها يعطيك قدرة أكبر على إرضائهم..
ثانياً، كن دائم الاستماع لهم، كل يوم.. إفهم آرائهم وتقبّل انتقاداتهم بصدر رحب.. ضع في اعتبارك انك تبحث عن انطباعهم عن منتجاتك، والذي قد لا يكون مطابقا للحقيقة.. واعلم ان اي انتقاد يأتيك هو انتقاد للمنتج والخدمة وليس انتقاد شخصي لك..
ثالثاً، إن لاحظت تكرارك طلب أو انتقاد معيّن من الزبائن، فقم بدراسة الوضع جيدا.. فإن كان الانتقاد بسبب جهل بخاصية معيّنة في منتجك، اعمل على إظهارها وشرحها لهم بشكل أوضح.. أما إن كان الانتقاد لغياب خاصية عن منتجك – حتى وإن خالف ذلك رأيك – فقدّمها لهم بشكل تجريبي ولاحظ تجاوب السوق معك..
وأخيراً، انت لست ملزم بتلبية حاجات كل اصناف الزبائن، فذلك محال.. عامل جميع من يأتيك بإحسان وبشاشة، ولكن ركِّز فقط على تلبية حاجات غالبية صنف الزبائن الذي يهمك..