“إعصار جونو يقترب من سواحل عمان”
تلقينا الخبر بمزيج من الاحاسيس: صدمة، خوف، شك، ترقب
يا الله! هل يعقل هذا؟ إعصار في بلدنا عمان؟
ثم ابحرت في عمق الشبكة المعلوماتية للتيقن من الخبر ثم للبحث عن طرق الحماية من الإعصار والاستعداد له
ارسلت لرئيسي في العمل اعتذر عن الحضور (لم يكن يوم الثلاثاء عطلة رسمية)
حضرت قائمة من المواد المطلوبة والامور التي من الحرى بنا العمل بها
وقررت واسرتي الانتقال من بيتنا الذي يبعد بضع مئات من الأمتار عن الشاطيء إلى بيت خالتي الكائن في منطقة أكثر أمنا
وتبع ذلك الكثير في وقت قليل! شراء المواد الاساسية وسط نقص واضح، تجهيز بيتنا للتقليل من الاضرار، إتصالات مع الاهل والاصحاب للإطمئنان وتبادل المعلومات، متابعة للاخبار المتلفزة والمذاعة والمكتوبة، تجهيز المؤن والغرفة الآمنة عند خالتي، وغيرها
وضعنا في أعيننا قاعدة واضحة: على المؤمن الاخذ بالاسباب قدر المستطاع مع التوكل على الله في نتائج الامور
جهزنا منزل خالتي وقعدنا ننتظر جونو!
وعصفت بنا قبل قدومه احاسيس متشابكة
كنا خائفين، متوجسين، قلقين على حالنا وعلى حال أحبتنا في بيوتهم
ثم بدأ الجو يسوء
رياح عاتية وأمطار غزيرة وأمواج عالية
ونزلت الأودية والشعاب آخذة معها كل ما يقع في طريقها
وانقطعت الكهرباء، فأخرجنا مخزون المصابيح والشموع.. وزاد الظلام من غلة القلق
واهتزت النوافذ والابواب
وانطلقنا نجهز ونرتب للأسوأ
وسط ركام من الترقب والقلق
حينا نخاف على أنفسنا وحينا نفكر في أحبتنا
كان موقعنا ممتازا والحمد لله وتجهيزاتنا موفقة، ولكن الحال كان مختلفا عند بعض أقاربنا، فقد غمرت المياه الأدوار الأرضية لأربعة منازل لأقربائنا على الأقل وتسبب هذا بحالة من القلق الشديد عندنا عليهم
وتناولنا وجبة العشاء على مضض ونحن نتمم استعداداتنا لعين الإعصار الذي يمكن ان يكسر النوافذ والأبواب ويتسبب بأضرار كبيرة
وجاء الليل ثقيلا مخفيا لمصاعب شتى
“إبقوا الأطفال في هذه الغرفة”
“كيف حال خالتي المسكينة؟”
“ما آخر الأخبار من المذياع؟”
“لنقتصد في الطعام والماء والشموع والمصابيح”
نصائح وتنبيهات وأسئلة كثيرة
واحتبست الدموع في أعيننا وانطلقت الألسنة بالقرآن والدعاء والذكر
ونامت الأطفال والنساء، ولكني لم استطع النوم
“يجب أن لا أغفل عن علامات عين الإعصار، حتى نتمكن كلنا من الالتجاء إلى الغرفة الآمنة في الوقت المناسب”
“اللهم اجعلها سقيا خير لا سقيا عذاب. اللهم ارحمنا والطف بنا”
كلمات كهذه وغيرها ظللت ارددها على قلبي، فيما كانت عينيّ بين نوم سطحي وبين تركيز استطلاعي
ليلة وليلتان على هذه الحال حتى أشرق فجر يوم الخميس مبشرا بكشف البلاء وجلاء الغمة
اللهم لك الحمد والشكر على لطفك بنا وإحسانك علينا وهدايتك لنا
وكست الوجوه ابتسامات خجولة وتتابعت الأخبار المطمئنة على احوال احبتنا من كل صوب
والتقينا بالبعض بالعناق وتبادل القصص العجيبة
“دخلت المياه الى بيتنا ثم خرجت وبقي الطين”
“رأيت أثاثي يطفو”
“قفزنا من جدار البيت بعد ان غمرته المياه نحو جارنا”
“انتظرنا فرق الانقاذ”
“نفذ منا الطعام”
“بقينا بدون كهرباء لساعات”
وغيرها مما حكى لنا الاحباب والاصحاب
وبطبيعة الحال أتت بعض الاخبار الاخرى بالفواجع والاخبار المحزنة مما تعرض له بعض الاخوة كنتيجة طبيعية لما حدث. وثم بدأت تظهر آثار أكبر للإعصار تدريجيا وبعضها مشابه لآثار الحروب!
والحق أن أجهزة الأمن والمؤسسات الحكومية ذات العلاقة لم تألو جهدا في توعية المواطنين وفي مواجهة الاعصار بكفائة عالية على قدر موارد وطاقات البلد
ولقد ضرب أغلب المجتمع العماني اروع الامثلة في التكاتف والتناصر، هذا مع استهتار القليل الآخر وتقليله من خطورة الوضع
سبحان الله. لقد لطف بنا ربنا الرحمن الرحيم بأن أبعد عنا عين الإعصار، والي بلغت سرعة الرياح فيه حوالي 200 كيلومتر في الساعة
وابتلانا سبحانه بنواتج الاعصار من فيضان ورباح وامطار فكان الحال أشبه بالزلزال في بعض المناطق.
وكأن ربنا سبحانه أراد أن ينذرنا فقط ويذكرنا ان الله موجود يسمع ويرى ويحاسب
وكأنه سبحانه أراد تأديبنا على ما اقترفناه من ذنوب وعلى تهاوننا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
لقد شعرنا أخيرا بشيء من الخوف والقلق، بعد سنين من الراحة والدعة، مما يجعلنا أكثر جدية وأقل غفلة
لقد شعرنا بالقليل مما يشعر به اخواننا في فلسطين والعراق وافغانستان والصومال ولبنان وغيرها، مما له أبلغ الأثر نحو تفهم واهتمام اكبر منا نحو قضاياهم
ولقد شعرنا حقا – خاصة في احلك لحضات المحنة – بقرب الساعة وقرب الموت، وهذا بحق له فائدة عظيمة وذكرى لطيفة من ربنا سبحانه
ومرفق أدناه صور بسيطة مما استطعت جمعه حتى الآن
اللهم لك الحمد على رحمتك ولطفك بنا
اللهم لك الحمد على ابتلائنا وتذكيرنا
لك الحمد سبحانك على كل حال وفي كل ظرف
لا اله الا انت سبحانك انا كنا من الظالمين، وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين
(التعليقات على الموقع القديم)=== اضيف في 30 جمادى الأولى, 1428 06:54 ص , من قبل aaber33من لإمارات العربية المتحدةالسلام عليك اخي حمدالحمد لله على سلامتك , وسلامة اهل السلطنة جميعا , اول مره على حد علمي يواجه اهل الخليج مثل هذه الظاهرة الطبيعية وبالتاكيد راح يتعلموا منها الدورس لمواجهته في المستقبل لاسمح اللهمع اطيب المنى===اضيف في 03 جمادى الثانية, 1428 06:43 م , من قبل halazri2006أخي الكريم عابرسلمك الله وأهل الإمارات الكرماء وجميع المسلمين من هكذا ابتلاءلقد تعرضت عمان لإعصار سابق في جزيرة مصيرة في عام 1977 ولكن الآثار لم تكن ظاهرة كثيرا وذلك لقلة عدد السكان هناك وتواضع البنية التحتية في ذلك الزمن.اللهم عافنا من البلاء وعلمنا ما ينفعنا===اضيف في 06 جمادى الثانية, 1428 08:04 م , من قبل aNEen.alwardمن عُمانأخ ـي حمدالحمد لله على سلامتكم .. وسلامة عُمان العزّشعور لا يُوصفوخوف أكبر من أن تستوعبه قلوبناوقلق يطرق أذهانناهكذا كان حالنا في يوم الـ أربعاءوالحمد لله رب العالمينعلى كل شيء ……شكرا لـ زيارتك مدونتيوفقكم رب ـي===اضيف في 13 جمادى الثانية, 1428 12:40 م , من قبل mafhmمن سورياالمؤمن مبتلى اخي الحبيبوكما نقولبالمال لابالرجالوبالحجر لابالبشرالحمد لله على سلامتكوسلامت اهلكواحبتكوبلدككن بخير===اضيف في 27 جمادى الثانية, 1428 04:26 م , من قبل mafhmمن سوريااين انت ايها الحبيبافتقدك وافتقد قلمككن بخير===اضيف في 04 رجب, 1428 09:26 م , من قبل halazri2006من عُمانأخي العزيز حامل المسكجزاك الله خيرا على هذا التواصل والتشجيع المستمر.إنني الآن أحضر للسفر لنيل شهادة الدكتوراة إن شاء الله، وكما تعلم فإن التحضير لسفر كهذا – خاصة مع الأسرة – يتطلب الكثير.بارك الله فيك===اضيف في 06 جمادى الأولى, 1430 07:50 م , من قبل دانة الروحمن المملكة العربية السعوديةالسلام عليكم..ماشاءالله وانا أقرأ المقال كأني هناك اترقب وانتظروارى كل شي..ابدعت اخوي حمد بنقل صوره الاعصار.. كنا نحنايضا ندعوا لاخواننا في عمان ان يكشف الله عنهم البلاء.. وشاهدنا الاعصار بالتلفزيون وكان هناك تخوف من انه قد يكمل طريقه الى المملكه لكن الحمدلله..فعلا مثل ماقلت اخوي ابتلاء وتذكير منه عز وجل..الله لا يرينا ولا يريكم مكروه..موووفق..ننتظر جديدك..===اضيف في 07 جمادى الأولى, 1430 06:27 ص , من قبل halazri2006اختي الكريمة دانة الروحوعليكم السلام ورحمة الله وبركاتهذكّرتني اختي الفاضلة بهذه التجربة المهمة في حياتي وحياة كل عماني عايشها. كثيرا ما كنا نرى المصائب تحل بغيرنا ولا نحس. ولكن عندما ابتلينا بالاعصار، انفتحت اعيننا ولعلنا نتعلم من دروسه ونستمر في حمد الله على نعمه ورحمته.يشرفني تواجدك المستمر