ها قد ظهرت نتائج القبول في البعثات، وقد وفقك الله للحصول على فرصة ثمينة للدراسة في قِبلة التعليم في العالم، الولايات المتحدة الأمريكية!
إنه الشعور بالترقب.. بالتحدي.. بالإثارة!
إنها صفحة جديدة في الحياة.. وبوابة مهمة نحو المستقبل..
ومع هذا الشعور الجميل، هناك بلا شك تساؤلات في بالك..
كيف أعد نفسي لهذه الرحلة؟
كيف تختلف الحياة في أمريكا، وما هي أهم التوجيهات التي أحتاجها؟
وهنا تأتي هذه المقالة!
وهي مبنية على تجربة سبع سنوات دراسة في أمريكا، بين الماجستير والدكتوراة، في مدينة لافاييت الجميلة شمال ولاية إنديانا..
أعطيك هنا خلاصة التجربة وما تعلمته من نجاحات وأخطاء ودروس وعبر..
فهي مقالة شاملة لأهم المواضيع، مع الإختصار في التفاصيل.. وإن ظهرت جزئية معينة بحاجة لتفصيل أكبر، فيمكن تخصيص مقالة أوسع لها في المستقبل القريب..
قبل السفر
من المهم أن تبدأ الإعداد لهذه الرحلة المهمة منذ البداية، منذ وصول التأكيد على حصولك على هذه البعثة الدراسية، أو لحظة القرار مع والديك في إرسالك للدراسة.
ويمكن إعداد ملف (ورقي أو إلكتروني) لتضع فيه كل المستندات والمعلومات المهمة.
أ) بداية، عليك التأكد من الأمور الدراسية والمتطلبات الجامعية.
- إسم الجامعة (فهناك تشابه في بعض الأسماء)، وموقعها الدقيق على الخريطة.
- الكلية التي ستكون بها، والتخصص الذي ستدرس به
- متطلبات المستندات الدراسية، ومتطلبات البرنامج التأسيسي (Foundation) إن وجد
- موقع الكلية والقسم الذي ستكون به، قياسا على موقع الجامعة
- معلومات الإتصال بمكتب الطلبة الدوليين في الجامعة
- المتطلبات الصحية: تجهيز ورقة التطعيمات خاصتك، والمعتمدة بالتوقيع والختم. عمل أي تطعيمات إضافية مطلوبة مع أخذ ختم مناسب لذلك.
ب) متطلبات التأشيرة
- أهمية الحصول على الورقة الرسمية للقبول في الجامعة، والتأكد من أن اسمك فيها يطابق اسمك على جواز السفر
- الحصول على إستمارة I-20 من الجامعة
- التسجيل في برنامج SEVIS ودفع الرسوم المتعلقة بها
- ملاحظة: في حالة وجود مُرافِق/ة لك، ينبغي له/لها أيضاً الحصول على إستمارة I-20 من الجامعة، والتسجيل في SEVIS
- تقديم طلب الحصول على التأشيرة (DS-160) على الإنترنت، مع الأخذ بعين الإعتبار أن إعداد الإستمارة سيتطلب منك وقتاً غير قليل! ومع التأكيد على ضرورة تعبئة الإستمارة بالمعلومات الصحيحة الدقيقة لتفادي أي إشكالات مستقبلاً
- الحصول على موعد المقابلة في السفارة أو القنصلية الأمريكية الأقرب إليك، وذلك في أقرب فرصة ممكنة نظراً لإمكانية إحتياج طلبك لوقت أطول من المتوقع.
- عند وصولك السفارة، ينبغى لك إحضار جميع المستندات المطلوبة (المذكورة أعلاه، جواز السفر الأصلي ونسخة، نسخة من تذكرة السفر، نسخة من حجز الفندق، الخ)، والتعاون بشكل تام واحترام مع الشخص الذي سيقابلك
للمزيد من تفاصيل التأشيرة الأمريكية، اضغط هنا
ج) السكن
- يفضل عمل حجز لغرفة بفندق لبضعة أيام على الأقل
- يفضل البحث عن شقة مناسبة (خيارين أو ثلاثة مفضلين) قبل السفر (تفاصيل أكبر في جزئية “الأيام الأولى” في الجزء الثاني من المقالة)
د) إستعدادات أخرى
- بالإعتماد على طبيعة المدينة التي ستكون بها، ستحتاج لشراء ملابس مناسبة، وأنصحك بشراء ما يكفي لفترة إسبوعين، وتأجيل شراء المزيد حتى وصولك أمريكا وشراء ما يلزمك هناك.
- يفضل الحصول على رخصة قيادة دولية وذلك سيفيدك بشكل مؤقت خلال الفترة الأولى من وصولك (تفاصيل إضافية في الجزء الثاني من المقالة)
رحلة السفر
ستكون رحلة طويلة! ربما الأطول في حياتك!
نحن نتحدث عن ما يقرب ١٢ إلى ١٤ ساعة مباشرة، أو تقسيم ذلك على رحلتين وحتى أربع رحلات!
أ) رحلة الطيران:
حسب تجربتي لعدد من طرق الطيران وخطوط الطيران للعديد من الرحلات إلى ومن أمريكا، فإنه قد يكون من الأفضل حجز رحلة طيران بشقين أو على طائرتين، واحدة من مدينتك في وطنك إلى مدينة أوروبية (لندن أو أمستردام أو زيوريخ أو أسطنبول، الخ)، وواحدة من هناك إلى مطار الوصول بأمريكا. وهذا يعطيك الفرصة لأخذ استراحة في مطار أوروبي تحصل فيها على فرصة للتنفس والمشي وأكل طعام أفضل (!) وبعض التواصل مع الأهل لتطمينهم. وهنا يفضل الحصول على ٣ أو ٤ ساعات انتظار على الأقل.
ولكن، إن كنت تجد سهولة في النوم في الطائرة، فيمكنك أخذ رحلة مباشرة.
ب) اختيار مطار الوصول:
أما فيما يخص أي مطار تنزل به، فهذا يعتمد بالطبع على المدينة التي بها جامعتك. بشكل عام، هناك الكثير من الجامعات القوية المتواجدة في مدن غير رئيسية بلا خطوط جوية دولية مباشرة. فهنا، أمامك خيارين:
١- النزول في أقرب مطار من المدينة، وهذا يستدعي في الغالب النزول في مطار رئيسي (دولي) آخر أولاً، ثم أخذ رحلة طائرة أخرى من هناك إلى المطار الأقرب إلى جامعتك. الحسنة هنا هي الوصول الأقرب إلى الجامعة، ولكن مع الأخذ بعين الإعتبار أنك ستضطر إلى المرور عبر الجوازات وأخذ أمتعتك في المطار الرئيسي أولاً، ثم إعادة التسجيل (Check-in) وتسليم الأمتعة مرة أخرى. وهنا يفضل الحصول على حوالي ٤ ساعات بين الرحلتين على الأقل، تحسباً لأي تأخير في الجوازات ونقل الأمتعة.
٢- الخيار الآخر (والذي أفضله) هو النزول في المطار الرئيسي الأقرب إلى جامعتك (وليس بالضرورة المطار الأقرب). على سبيل المثال، كانت جامعتي في مدينة لافاييت وبها مطار صغير، وهناك مطار إنديانابوليس (عاصمة الولاية) على بعد ساعة قيادة ولكنه مطار غير رئيسي، وكان أقرب مطار رئيسي دولي هو مطار شيكاغو والذي يبعد ساعتين ونصف أو ثلاثة ساعات قيادة من مدينتي. فكنا ننزل من الطائرة في مدينة شيكاغو وننتهي من إجراءات الجوازات ونستلم الأمتعة، وثم نأخذ رحلة باص مخصصة (Shuttle Bus) إلى مدينة لافايت، حيث كانت هناك شركتان متخصصتان في نقل طلبة الجامعة من وإلى مطار شيكاغو، على باصات كبيرة مريحة وذات قدرة على حمل أمتعتك كلها. وبذلك، يمكنك التأكد من وجود شركات نقل شبيهة عن طريق بحث مخصص:
Shuttle bus from XYZ airport to XYZ University
ج) ورقة الوصول: قبيل نزولك إلى مطار الوصول في أمريكا، سيُطلب منك تعبئة ورقة الوصول I-94. وفي حالة عدم جاهزيتك لها، قد تتعرض لإضاعة بعض الوقت في المطار. لأفضل إعداد، يمكنك تنزيل نسخة منها لتعبئتها مبدأيا، قبل تعبئة الورقة الرسمية على الطائرة.
نسخة ورقية من الإستمارة، للاطلاع وتجهيز المعلومات، إضغط هنا
ويمكن أيضاً تقديم طلب ورقة الوصول على شبكة الإنترنت، وهذه ستكون نسخة إبتدائية، مع ضرورة تكملة الإجراءات عند الوصول إلى أمريكا. وهذه ستسهل من الإجراءات قليلاً، مع التأكيد على التقديم لها ضمن فترة سبعة أيام على الأكثر قبل السفر (تفاصيل هنا)
ولاحظ هنا الأهمية القصوى لعدم تضييع هذه البطاقة، والإحتفاظ في ملحقة بجواز سفرك طوال مدة وجودك في أمريكا حتى مغادرتك حيث يكشف عليها موظف المطار عند السفر خارج أمريكا.
د) الجوازات والجمارك:
استمع إلي، ستصل إلى بلد به أنظمة جديدة عليك وتنطبق على جموع من المسافرين، وهي مصممة لتنظيم الدخول وحماية البلد من الأخطار. بمعنى آخر، لا تتوقع تلقي معاملة فنادق عند وصولك، وإنما سيطغى الجانب الأمني وذلك للأسباب التي نتفهمها.
من المهم جداً عليك عدم شخصنة المعاملة التي تتلقاها، أي أن لا تكون متحسساً بشكل مبالغ وذو نزعة دفاعية (لماذا يعاملني بهذا الشكل؟ لماذا يتحدث بسرعة؟ لا أحب النظرة التي ينظر بها إلي؟ لماذا أحس أني متهم بشيء؟! لقد تعبت من رحلة طيران طويلة ولا أحب هذه المعاملة الجافة! الخ).
الضابط الذي أمامك هو في النهاية موظف أمني يهمه في المقام الأول سلامة بلده، حتى على حساب راحتك الشخصية!
من المهم في هذه الحالة أن تكون صبورا ومتعاوناً بشكل تام.
- أعدّ كل أوراقك الرئيسية في ملف واضح (الجواز مع التأشيرة، إستمارة I-20، إثبات السكن أو الفندق، إثبات القبول في الجامعة، الخ).
- كن متعاونا في الأسئلة (ما السبب الرئيسي لقدومك إلى أمريكا؟ التخصص؟ الجامعة؟ سكنك؟)
- كن متعاوناً في تسجيل بصمتك وصورتك عند ضابط الوصول
- كن متعاوناً عند فحص الأمتعة والتفتيش وإفعل ما يُطلب منك دون شكوى أو تذمر.
تذكّر، ليس لديك ما تخفيه، أنت هنا للدراسة والإستفادة من التجربة. ولذلك فأنه من الممكن جداً عليك أن تتعاون وإن طالت طوابير الإنتظار، وإن كان التفتيش دقيقا ومكثفاً.
وهنا ختام الجزء الأول من مقالة المقبل على الدراسة في أمريكا، وسيغطي الجزء الثاني من المقالة الآتي:
- الأيام الأولى في أمريكا
- أساسيات مهمة
- في أمور الدراسة