إبراهيم علي .. الإسلام في أمريكا (٣ من ٣)

نبدأ الجزء الثالث والأخير من مقابلة إبراهيم علي بعد الحديث عن دور المسجد الدعوي.. ارجع للجزء الثاني هنا.. والجزء الأول من هنا

ح: عودة إلينا كمسلمين.. وقد عايشنا كيف اننا في بلادنا قد نصلي في ثلاثة أو أربعة مساجد مختلفة في اليوم الواحد .. والمسجد يكون بمثابة مصلى.. ولكن هنا، للمسجد معنى أكبر.. فماذا يمثل المسجد لك؟

إ: المسجد بالنسبة لي أفضل من البيت! أولا، تأتي هنا لتلتقي بأخوتك من مختلف الجنسيات .. وهو أيضا مكان للتعليم .. وهناك بعض الدعوات لمناسبات الأفراح، وفي رمضان مثلا تقام موائد الإفطار الجماعي .. والأطفال يجتمعون ويلعبون معا في المسجد .. وهناك مدرسة إسلامية لتعليم الأطفال في نهاية الأسبوع، في خمس ساعات في المسجد .. هو أكثر من مجرد مصلى.. هو مركز إجتماعي لنا..

ح: ونلاحظ أن الأطفال يلعبون هنا في مساجدنا بشكل أكبر من المساجد في بلادنا..

إ: لا يوجد لعب هناك أبدا (يضحك)! فقد يُضربون (يضحك)!

ح: فإذاً هناك تساهل أكبر؟

إ: تساهل أكبر طبعا لإنها فرصة.. سبحان الله.. فتجعل الأطفال يحبون هذا المكان .. فحتى عندما تخرجون من البيت للمسجد، يسبقونك للسيارة.. وحتى مسألة أصواتهم العالية ومشاكساتهم في المسجد، فهي مسألة قد اعتدنا عليها! ومن المواقف الظريفة أن أحد اساتذة الجامعة قبل أن يتزوج.. كان يرى الأطفال يلعبون ويتضايق ويعاتب .. وبعد أن تزوج ورزق بأطفال.. بدأ يحضرهم للمسجد وبدأوا يقومون بما يقوم به الأطفال في المسجد! فيأتي أحدنا ويذكره، فيضحك! سبحان الله رب العالمين.. فالمسجد مكان للأطفال، ولك أنت، ولزوجتك فهناك اجتماعات اسبوعية للاخوات يتدارسن فيها الدين.. والمسجد به ولله الحمد قسم خاص للسيدات يحافظ على خصوصيتهن .. وقاعة الرجال منفصلة .. وهناك أيضا مكتبة جميلة في المسجد ممتلئة بالكتب..

ح: نعم، أذكر كتبا رائعة قرأتها هناك.. ولكن من أين أتت هذه الكتب؟

إ: سبحان الله! نعم.. معظم الكتب بفضل الله سبحانه، من الطلبة الذين كانوا هنا .. كأن يذهبوا إلى بلادهم ويعودوا بالكتب .. تفاسير القرآن، أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام، عندنا سلسلة البخاري كاملة، وصحيح مسلم أيضا ، وكل التفاسير .. وكتب عقيدة .. وكتب إنجليزية بجانب العربية.. وفيها رفوف منسقة ومرتبة بأعمال تطوعية .. ما شاء الله.. فترى أن احتياجات المسجد تأتي دائما في صورة تبرعات.. ومثلا نظافة المسجد بفضل الله سبحانه كلها تطوعية .. فكل اسبوع، تأتي مجموعة محددة لتنظيف المسجد ودورات المياه والسلالم والسجاد..

ح: وتتسمى مجموعات التنظيف بأسماء الصحابة!

إ: نعم بأسماء الصحابة .. فهناك مجموعة خالد بن الوليد، وعمار بن ياسر، وعمر بن الخطاب .. أسماء جميلة .. أنا أرى أن هذه نقطة جميلة جدا بفضل من الله تعالى .. أن نظافة المسجد يحافظ عليها أهل المسجد ولا يأتون بأحد من الخارج .. ولا تجد أحدا يخجل من تنظيف الحمامات وأماكن الوضوء والسلالم .. ومن ضمن المواقف.. مرة أثناء قيام المدرسة الإسلامية، كانت هناك مياه في دورات المياه بالأسفل .. ورأيت، ما شاء الله بفضل الله سبحانه، استاذ بالجامعة قد نزع جواربه ورفع بنطاله ونزل وسط الماء ينظف بنفسه .. فتحس أن هذا المكان لك، وأنت مرتبط به .. مثل بيتك بالضبط.. وكلها أعمال تطوعية..

ح: ذكرت نقطة أن المسجد مفتوح حتى لغير المسلمين.. وأذكر يوم أتى الأخ ديف الأمريكي وقام بجولة داخل المسجد وتحدث معنا ثم أسلم.. على يديك..

إ: سبحان الله.. عندما يشرح الله صدر أحد للإسلام، فترى أن الأمر يتم بسهولة.. فأنت تكسر أمامه حاجزا بسيطا. فهو ينتظر منك دفعة صغيرة لكي يفتح الله قلبه.. والموضوع سهل جدا.. انت تعرض عليه الإسلام وينطق بالشهادتين ثم خطوة خطوة يتعلم الدين .. على مهل.. فلا تخبره منذ أول يوم عن كل الصلوات والفرائض!

ح: كم شخص اسلم هنا؟ تقريبا؟

إ: ما شاء الله، لا أذكر العدد طبعا.. فهو عدد كبير.. وكل واحد منهم يكون له تلك البهجة الكبيرة.. وكل واحد يمثل حالة خاصة.. اذكر منهم مثلا طالب من ماليزيا من أصل صيني، غير مسلم وقتها.. وجاء إلى المسجد وتعرف على الإسلام حتى شرح الله صدره ونطق بالشهادتين .. وهذا الأخ في خلال عام واحد بعد إسلامه كان ما شاء الله نشيطا جدا في المسجد .. حتى أنه كان أفضل من كثير من المسلمين! وهناك مرة كنا نصلي العيد .. وبعد الصلاة أتى أحدهم وقال أنه يريد أن يسلم .. وهناك ثالث في مدرسة ثانوية وبدأ بمراسلتنا والسؤال عن الإسلام حتى أصبح بفضل الله مسلما.. فسبحان الله معنا اليوم أدريان الفرنسي ومن الأمريكيين موسى ويحي وجوشوا.. وأما بالنسبة للأخوات فحدّث ولا حرج!

ح: أكثر؟!

إ: نعم، بشكل كبير ما شاء الله عليهن بفضل من الله سبحانه.. في فترة من الفترات كن يسلمن كل يومين أو ثلاثة! والعديد منهنّ تزوجن من أفراد المجتمع (وذكر إبراهيم زوجات خمسة من الأخوة المعروفين هنا!) .. وكان من المواقف الجميلة جدا .. أحد المسلمين الجدد أتى مرة وسألني عن بعض آيات الجهاد، وكان ذلك بعد أحداث سبتمبر، ثم أخبرته أنه يحتاج أن يفهم ما قبلها وبعدها من الآيات ولا يأخذ آيات الجهاد خارج السياق.. وقلت له أني أخشى أن يكون أحد غير المسلمين قد تحدث معه وأخبره عن هذه الشبهات.. فقال لي أن ما دفعه للإسلام أصلا أنه قرأ عن هذه الآيات على الإنترنت ثم بحث واطلع على السياق فهداه الله بها إلى الإسلام وسبحان الله رب العالمين!

ح: سبحان الله الهادي!

إ: وأريد أن أضيف أن الحياة هنا تُعلّمنا أمورا كثيرة غير موجودة في بلادنا الإسلامية مثل مسألة الوفيات.. فلا يوجد لدينا المغسّل وغيرها من الشعائر والتقاليد الموجودة هناك.. فهنا مثلا عندما توفى أحد المسلمين اجتمعنا مع أبناءه في المسجد وتسائلنا فيما بيننا عمّن يغسّله! فنحن نعرف طبعا احكام الغسل.. و ..

ح: نظرياً!

إ: نعم طبعا.. نوّر الله عليك.. فتناقشنا في المسجد عما يجب فعله ثم ذهب أحدنا واشترى كفنين، أحدهما للأخ الذي توفاه الله والآخر احتياطي موجود عندنا للآن والحمدلله! وسبحان الله انضم إلينا أحد الاساتذة وعدد من الشباب سعيا للأجر.. والحمدلله تم الغسل والتكفين بشكل شرعي جيد.. ونفس الحال يكون للأطفال الرضع الذين يتوفاهم الله سبحانه وتعالى فنجتمع معا ويتم تعليم أبو الطفل كيفية الغسل والكفن..

ح: رحمهم الله ورحم موتى المسلمين..
أخي إبراهيم، إن الحديث معك شيّق ومفيد وهناك أمور ومسائل أخرى كثيرة لا يتسع المجال لتغطيتها.. والحمدلله أن قد وفقنا وفتح علينا التحدث بما تيسّر من الجوانب المضيئة.. وأطلب منك كلمة أخيرة توجهها للمسلمين خاصة القاطنين بأمريكا..

إ: أدعو الله بما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يثبّتنا سبحانه على الإسلام ويقوّى الإيمان في قلوبنا وأن يدخلنا الجنة برحمته سبحانه..

ح: آمين وجزاك الله أخي إبراهيم كل الخير وسدد خطاك وبارك في أهلك الكرام وجمعنا وإياك في الجنان..

وهذا ختام المقابلة المفتوحة مع إبراهيم علي.. ومما يجدر ذكره هنا أن احدى الأخوات أسلمت ونطقت بالشهادتين خلال الفترة البسيطة بين اليوم الذي قابلت فيه إبراهيم وبين يوم نشر المقابلة في تـأمّــلات! فسبحان الله العظيم وله الحمد والفضل والمنة..

وهكذا اخوتي رأينا نموذجا ناصعا من نماذج حياة المسلمين هنا في الولايات المتحدة والبركات التي ينزلها الله سبحانه على المخلصين منهم وما يعايشونه من أحداث ويتجاوزون من صعوبات..

فتذكر زائري الكريم إن كنت من القاطنين بالغرب أو حتى بالبلاد الإسلامية فضل الله عليك ومنته بأن أكرمك بالإسلام والنعم ورفع عن ظهرك من مصاعب الدنيا واشكره واحمده على كل شيء، خيره وشره.. فإنما الدنيا بكل أحداثها دار ابتلاء والآخرة دار حساب وجزاء، نسأل الله أن يجعلنا جميعا من أهل الفردوس الأعلى بصحبة خير الأنام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم..

8 أفكار على ”إبراهيم علي .. الإسلام في أمريكا (٣ من ٣)

  1. الحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها من نعمةبارك الله فيك أخى الحبيب: حمدونسأل الله تعالى أن ينصر الإسلام وأن يعز المسلميناللهم آمين

  2. Assalam Alikom W A W B Brother Hamad,Jazakom Allah Khayran Katheran.Your Brother Ibrahim

  3. أخي العزيز محمد،الحمدلله.. وفيكم بارك الله..نسأل الله الثبات على الصراط المستقيم..

  4. أخي العزيز إبراهيم،وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،وإياكم جزى الله كل الخير على ما تقدمه وتضحي به لأخوتك..وفقك الله لخير الدنيا والأخرة..

  5. وثبة جديدة لمدونة أكثر من حياة !أحسنت أخي حمد … المقابلة كانت شيقة وأعطتنا صورة مقربة للمسلمين الأمريكان من الداخل.

  6. أهلا وسهلا بك أخي سعيد،ان حياة المسلمين في أمريكا كنز مليء بالعبر والحكم وما كشفنا هنا إلا القليل..نوّرت المدونة

  7. السلام عليكم ذكرت نقطة أن المسجد مفتوح حتى لغير المسلمين.. وأذكر يوم أتى الأخ ديف الأمريكي وقام بجولة داخل المسجد وتحدث معنا ثم أسلم.. على يديك..ومما يجدر ذكره هنا أن احدى الأخوات أسلمت ونطقت بالشهادتين خلال الفترة البسيطة بين اليوم الذي قابلت فيه إبراهيم وبين يوم نشر المقابلة في تـأمّــلات! *******************ماشاء الله ماشاء الله الله اكبر ولله الحمد الحمد لله على نعمة الاسلام جزيت خيرا اخى واعزك الرحمن سعيدة جدا جدا بهذا اللقاء الطيب وقربت الينا الصورة اكثر لاخواننا بأمريكا بارك الله فيك وفى ابراهيم وفى كل مسلم فى انتظار لقاءات مع اخوات ممن اسلمن حديثا تحياتى لك ولمدونتك ولقلمك وجهدك الطيب جعل الله عملك بميزان حسناتك ملحوظة /ياريت تلغى حروف التأكيد فى التعليقات مزعجة جدا 🙂

  8. اختي الكريمة أم هريرة،وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،وإياكم جزى الله الخير وبارك.ان في أمريكا ملايين المسلمين ولهم حكايات ومواقف تفخر بها الأمة.لقد قمت فعلا بمقابلة أخ فرنسي اسلم هنا. ولكن لم يتسنى لي الوقت لنشر المقابلة. ربما قريبا بإذن الله.سعدت جدا بزيارتك وتعليقاتك الطيبة على كل جزء من اجزاء هذه المقابلة

أثري المقالة بتعليقك