إبراهيم علي .. الإسلام في أمريكا (١ من ٣)

((تم ادراج هذه المقالة ضمن ٧٠ مقالة مختارة من المدونة في كتاب “تــأمّــلات” للكاتب الدكتور حمد العزري))
ترى وجهه البشوش في المسجد كل يوم..
يحادث هذا، ويساعد هذا، وينصح هذا..
لا تكاد تمر صغيرة ولا كبيرة إلا وقد ساهم فيها بشكل أو بآخر..
بكل حب وإخلاص وتفاني..
ورغم نشاطه الدؤوب في خدمة بيت الله وراحة مجتمعه الصغير، إلا ان الكثيرين لا يعرفونه!
فهو يعمل دائما في صمت..

أخ مسلم عزيز، من مصر العزيزة..
استقر في أمريكا منذ أكثر من 15 عاما..
واصبح في بؤرة المجتمع المسلم في مدينة لافايت الصغيرة، بولاية إنديانا الأمريكية..
المجتمع الذي يتغير كل سنة، لكونه في مدينة جامعية! فمن قادم إلى مغادر..
والكثيرون ينهلون من نهر خيراته وعطائه..
إنه الجندي المجهول.. إنه إبراهيم علي..

عندما اخبرته اني أود مقابلته ل”تـأمّــلات”
ابتسم.. كعادته.. ووافق.. كعادته!
فلن تجد الرفض منه، فهو دائم الإستعداد للعون والمشورة..

والحوار معه سيتمحور حول المعيشة في أمريكا وحال الإسلام هنا..
والمقابلة معه ستكون مفتوحة.. إلى حيث يجرنا الحوار نذهب..
ونقف في محطات، محاولين فتح اسبارها وكشف معالمها..
فالرحلة التي خاضها ويخوضها إبراهيم علي، لهي مثال صادق معبر عن حال المسلمين في هذا البلد الكبير.. ولاحظ أخي الزائر بشاشة طبعه والتفاؤل الذي يغمره وقدرته على النظر دائما إلى الجانب المضيء..

والحق أن إبراهيم طلب مني بكل تواضع أن لا اكتب عنه هذه المقدمة، ولكن مع اصراري عليه بلطف، طلب مني أن اكتب هذا الدعاء عنه: “اللهم لا تؤاخذني بما يقولون واغفر لي ما لا يعلمون واجعلني خيرا مما يظنون”

إبتدأنا الحديث بالسؤال عن الحال والأولاد والعمل والدراسة وكل ما هو جديد.. ثم عرجنا إلى الحديث عن مسجدنا في المدينة وتذكرنا حادثة الحريق قبل سنين..

ح: إبراهيم، عايشت الفترة التي احترق فيها المسجد الأول هنا في لافايت.. هلا حدّثتنا عنها قليلا؟

إ: المسجد القديم الذي كان هنا.. كان عبارة عن مبنى دور أرضي تقام فيه الصلوات.. والدور السفلي تصلي فيه الأخوات.. والدور الأول كان سكنيا..
المسجد الحالي يسكن فيه ثلاثة عشر مستأجرا في سبعة غرف، أما المسجد القديم كان يسكن في غرفه الأربعة سبعة أو ثمانية من الطلاب.. ولكنه كان مبنى قديما جدا، سبحان الله! حتى مكان الصلاة كان عبارة عن صالة صغيرة تتسع تقريبا لأربعين أو خمسين مصليا على أكثر تقدير.. سبحان الله! .. أما صلاة الجمعة، فكنا نضم للقاعة الدور السفلي، وتصلي الاخوات في الغرفة الصغيرة بالطابق الأعلى.. وكان هناك مصلون في المطبخ وأمام الباب وخلفه وعلى السلم.. سبحان الله!
وسبحان الله رب العالمين، قبل احتراق المسجد هذا، كنا قد بدأنا التخطيط لتوسعة المسجد وبناء مبنى جديد.. فاحتراق المسجد كان نعمة من الله سبحانه وتعالى .. فقد شجّع الناس، أنها أصبحت ضرورة أن يواصلوا في مشروع بناء المسجد..

ح: ربّ ضارة نافعة!

إ: نعم، سبحان الله رب العالمين! طبعا وقتها كنا لا زلنا متأثرين كثيرا باحتراق المسجد، ولكن عندما تفكر في ذلك الآن، ترى أنها كانت نعمة من الله سبحانه وتعالى.. نعم، كانت كارثة، ولكن سبحان الله رب العالمين.. بفضل منه سبحانه.. فقد جعلت الناس هنا ينشطون في مشروع المسجد الكبير.. كان هناك مبنى آخر مجاور يستأجره اتحاد الطلبة المسلمين بالجامعة، لسكن بعض الطلبة.. فلما احترق المسجد.. اشترى اعضاء المجتمع هذا المبنى وضموا الاثنين معا لبناء المسجد الكبير.. فالحمدلله رب العالمين..

ح: بمعنى.. أنه لولا الحادث، لما تم الإسراع بالمشروع الجديد..

إ: نعم.. كانت الفكرة موجودة قبل ذلك وكانت هناك تطلعات وأهداف.. وحتى جزء من المبلغ تم جمعه.. ولكن الهمة لم تكن هناك بالدرجة الضرورية.. أما بعد الحريق .. سبحان الله! .. كنا حتى في صلاة الجمعة، نذهب إلى مركز ستيوارت (مبنى بالجامعة) ونؤجر غرفة بالجامعة.. وكنا نقول للناس، الجمعة هذه في الغرفة كذا والتي بعدها الغرفة كذا بمباني الجامعة..

ح: كان الموقف صعبا! ونحن الآن نتدلل!!

إ: أقول لك! فضل من الله سبحانه وتعالى.. في البداية كنا ننظر للحادثة ككارثة، ولكن عندما تنظر إليها بتعمق بعد ذلك، تجد أنها نعمة من الله سبحانه وتعالى.. كان كرما عظيما منه سبحانه.. والحمدلله، لم يصب أحد في الحريق..

ح: وثم.. من أين أتت التبرّعات؟

إ: نعم نعم.. الجزء الأكبر والحمدلله تعالى كان من الناس أعضاء المجتمع هنا .. أساتذة الجامعة والقاطنين المحليين هم الذين تحملوا العبء الأكبر من المسؤولية.. كان هناك أربعة أو خمسة منهم قد ضمنوا المبنى برواتبهم .. ما شاء الله عليهم.. جزاهم الله خيرا..
وكان هناك أخ من الكويت يدرس هنا.. شاب ما شاء الله أكرمه اللهفلما سمع بالمشروع، تبرع والده بمبلغ كبير كأول مساهم.. كنوع من التشجيع للأخوة هنا .. وبفضل الله استمر المشروع..

ح: وقد تكلف الكثير بالطبع!

إ: نعم، أكثر من مليون دولار! سبحان الله رب العالمين .. وكان يدرس هنا أحد الطلاب ومعه زوجته المهندسة المعمارية.. وهي التي وضعت التصميم المبدأي للجامع.. وثم طبعا لاختلاف التصاميم في مصر وهنا .. فقد تعرض لتعديلات كثيرة ولكن بفضل الله سبحانه وتعالى تم البناء الحالي ..

ح: الحمدلله أن لم يطالب أحد بمنارة!

إ: نعم.. ثم أن بيوت الطلبة الأمريكيين المحيطة بنا. .يظهر أنهم تضايقوا من الهلال.. فتنافس اثنين أو ثلاثة منهم لسرقة هذا الهلال! ألا تعرف هذه الحكاية (يبتسم)؟

ح: لا أعرفها!!

إ: (يضحك) .. فعلا.. أتوا بالليل.. وأتى ربما اثنان منهم وتسلقوا القبة الخشبية وفكّوا الهلال المعدني! وأخذوه وجروا بعيدا (يضحك)!

ح: هل بّلّغتم الشرطة؟

إ: نعم نعم.. بلّغنا الشرطة.. وطبعا اكتفوا بفتح المحضر.. ولم يجدوا الفاعل.. وبعد حوالي اسبوعين أو ثلاثة رأيناه (الهلال) مرميا بقرب باب المسجد (يضحك)!

ح: هذه الحادثة، متى وقعت؟

إ: سبحان الله رب العالمين.. (يفكر) .. تقريبا.. قبل 2001..

ح: بمعنى.. قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر..

إ: نعم نعم..

ح: وكان لا يزال هناك أناس.. متحاملون (على الإسلام) ؟

إ: نعم نعم .. سبحان الله رب العالمين .. ثم عرفنا بعد ذلك أن بيوت الطلبة هذه .. انهم فعلوها كنوع من المغامرة .. وقد اثبتوا هذه النقطة.. أنهم بمقدورهم أن يسرقوا الهلال.. ولكن ماذا سيفعلون به بعد ذلك؟! يرموه في القمامة (يضحك)؟!
فقد اثبتوا أنفسهم في هذا التحدي.. فأرجعوا الهلال! وتركوه بجانب المسجد! (يضحك)

ح: وهذا يدل أن النية لم تكن عدوانية؟

إ: لا لا.. لم تكن عدوانية .. فقط كنوع من المغامرة بين بعضهم بعضا ..

هنا ختام الجزء الأول من المقابلة.. تابع الجزء الثاني هنا

فكرة واحدة على ”إبراهيم علي .. الإسلام في أمريكا (١ من ٣)

  1. السلام عليكم ماشاء الله اخى حوار رائع اتابع القراءة فى الجزء الثانى و اعلق على البوست ان شاء اللهالى لقاء بعد القراءة تحياتى لك

أثري المقالة بتعليقك