ومضى شهر!
مضى شهر على نقطة التحول..
على إعادة الإنطلاقة..
على خروجي من العمل بالجامعة كأكاديمي..
وعلى دخولي عالم العمل المستقل!
أذكر يوم أعلنت الرحيل، على منصة تويتر، وعلى منصة لينكد إن..
كيف كان الشعور مختلطاً.. بين الحزن وبين الفرح والتفاؤل..
وأذكر كيف كان تجاوب الناس بشكل أذهلني! حيث إطّلع على الإعلان عشرات الآلاف وتفاعل الناس بال(إعجاب)، وكتب المئات منهم التعليقات المشجعة..
وهذا أمر لم يكن في البال.. فشكراً لكل من مرّ بابتسامة أو دعاء..
وخاصة طلبتي.. الذين سأحنّ إلى مجهوداتهم وتفاعلهم وأسئلتهم..
لماذا؟
والأمر الذي لم أذكره يومها، هو لماذا؟
لماذا المغادرة؟
لماذا تترك العمل الذي اعتدت عليه واعتادك الناس فيه؟!
لماذا تترك “المنطقة الآمنة” (Comfort Zone) التي تشعر فيها بالأمان وتراكمت عندك عنها الخبرات؟
والحقيقة، أنه من الصعب شرح الأسباب بتوسع.. ولكنني سأختصر..
نعم، اخترت الجامعة منذ ٢٠ عاماً، رغم حصولي والحمدلله على عدد من العروض الجيدة من مؤسسات أخرى..
ونعم، استمتعت بالتدريس، وتعلمت من البحث العلمي، وساهمت في خدمة المجتمع..
ونعم، استفدت جداً من بعثات الدراسات العليا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، والحمدلله.
ونعم، كنتُ قد ظننت أنني سأواصل في الجامعة حتى النهاية!
والواقع أنني ممتن لهذه التجارب وأدعو للجامعة بكل خير..
ولكن..
شعور الإنسان بالأمان الوظيفي – لمدة طويلة من السنوات – ليس بالضرورة دليلاً على وجوده في المكان الصحيح!!!
بل قد يكون دليلاً على الحاجة إلى التغيير!
فقد وجدت بذلك في نفسي الحاجة إلى تحدي جديد..
وظهر لي أنني بحاجة إلى الحرية والاستقلالية في العمل..
وبذلك يكون العمل بالجامعة، بل والعمل في أية وظيفة تقليدية، مقيّداً لي!!
بالإضافة إلى ذلك، فقد وجدت الحاجة إلى إعادة التوازن في الحياة..
بين العمل الجاد بكل جوانبه.. وبين المسؤولية نحو الأسرة، ونحو الذات! (ولنفسك عليك حقا)
والحقيقة أن هذا القرار لم يأتي في لحظة..
بل سبقه تفكير عميق.. لشهور!
وسبقته استشارات بمن أثق فيهم.. والوالدين.. وبعض الأصحاب المقربين ذوو التجربة والخبرة..
وسبقته، بطبيعة الحال، استخارة واثقة بالله..
وكانت النتيجة اتخاذ هذا القرار.. والعزم والتوكل..
أواخر الأسابيع
وهكذا، وبعد القيام بالإجراءات الإدارية المطلوبة..
بدأت فترة الترقب!
وكنتُ أعدّ الأسابيع المتبقية!
قررت حينها التركيز على عملي في هذه الفترة..
ولكن، ومع مرور الأيام، كنتُ أحسّ وكأن جزءاً متزايداً مني قد خرج من الجامعة بالفعل!
بدأ تفكيري يتغير.. وبدأت نظرتي للحياة وأولوياتها تتغير..
والغريب في الأمر، رغم إقبالي على تغيير كبير في حياتي، ورغم وجود شيء من القلق.. كنتُ، ولله الحمد، أشعر بطمأنينة!
الطمأنينة أن المآل، رغم الظروف ورغم مسؤولية التخطيط والعمل، هو بيد الله سبحانه وتعالى..
نقطة الصفر!
ثم أتى اليوم الموعود!
تجوّلت في مكاتب كلية الإقتصاد والعلوم السياسية.. وودعت واستسمحت من كل من رأيته.. وكانوا قلة، بالنظر إلى الفترة من العام الأكاديمي، وإلى ظروف الوباء..
وأحسست بطرقات الجامعة..
وتذكرت أيامي فيها كطالب، أنهل من صنوف العلم..
ومرت عليّ ذكريات شتّى..
وكأن جدران الكلية، والجامعة، تحدثني، وتقول لي:
“إلى أين؟
لم تتركني؟”
يا له من شعور!
يخرجك من نطاق العقل.. إلى نطاق القلب..
وتحس حينها بأثقال اليوم والأمس..
بل، وأيضاً، بشيء من أثقال الغد!
وأخذت تلكم الصورة..
مسدلاً بذلك.. هذه الحقبة العميقة الجميلة من حياتي..
الإعداد لما بعد
كانت البداية خفيفة نوعاً ما!
فيها الهدوء، وشيء من الترقب..
ابتدأتُ بترتيب الداخل..
فكانت مراجعة الخطط، وترتيب الأولويات، وتحديد مجالات العمل، والتفكير في المشاريع المرشحة..
ثم أعدت ترتيب كل الملفات والأدوات..
فمنها ما أُعيد صياغته للمرحلة الجديدة، ومنها ما ذهب لسلة المهملات!
وليس من السهل أن تترك شيئاً كنتَ تُحدثّ النفسَ ببناء مشروع أكاديمي عليه، ولم يعد له مكان يخدم الفترة القادمة.. فكأنك تدير ظهرك لجزء كان أساسياً من ذاتك!
ولكن لا بد من اتخاذ القرارات الصعبة، بغية الانطلاق بقوة وحزم نحو المستقبل..
نحو المستقبل!
الحقيقة، أنه أمامي الآن فرص وخيارات كثيرة، متعلقة بالمهارات والخبرات المكتسبة في الفترة السابقة.
وعليّ الاختيار من بينها بتمهل وعقل منفتح..
فما كان يصلح للأمس، قد لا يصلح للغد..
وعليّ كذلك الإنصات.. لذلك النداء!
النداء الذي أتى بي إلى الجامعة..
وحين حان الوقت المناسب، أخرجني منها!
انها رحلة اكتشاف!
اكتشاف المستقبل..
واكتشاف الذات!
قرار صعب وجريئ جدا ولكنني على ثقة تامة بأنه القرار الصائب ، مبارك عليك إتخاذ الخطوة الأولى ومنها لمستقبل باهر وناجح بإذن الله
آمين.شكراً أبو الريم، وأسأل الله لك التوفيق والعافية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كيف الحال د. حمد ؟حقيقه تفاجأت حين سمعت هذه الاخبار ، ونسأل الله لك التوفيق والسداد في القادم ، فانت لازلت قادر على العطاء والبناء و المساهمة بشكل او بآخر في مواضع كثيره في هذا الوطن الذي يحتاج الى المخلصين من ابنائه اكثر من اي وقت سبق .
لازلت اتذكر اجمل المقررات التي درستها كانت على يديك ، مثل مقرر ريادة الاعمال / التسويق / المحاسبه / مقرر دراسة الجودة وخطة العمل و مشروع التخرج .
لقد كانت المقرارت وطريقه ايصاب المعلومة مبتكرة و ثورية على النمط التقليدي حيث تميزت بالتفاعل المباشر ، و التحفيز على البحث والنقاش و اعادة صياغة المحتوى العلمي وليس حفظه .
لقد لمست في تلك الطريقه متعه اشبه بما قد تحسه حين تلعب لعبه او تشترك في مباراة كرة قدم ، لقد تحول الدرس الى امر ممتع و ترغب بان تكون مشاركا فاعلا فيه .
ولكن سبحان الله ، مع ذلك النموذج المميز و الفعال ، سيفتقد الطلاب الجدد و الذين لم تسنح لهم الفرصه بالتتلمذ في المقررات التي تشرف عليها متعه و فائدة ، كنت ارجوا لو ان الجامعة تبنت هذا التوجه و عززته ، بل اني كنت اتخيل لو ان وزارة التربية والتعليم اسست لمثل هذه الطرق في بيئة المدرس لكان طلب العلم والمعرفه في عمان اتجه الى مستوى اخر تلتحم فيه الحماس والشغف بالتجربة و التطبيق عوضا عن التنظير فقط .
شكرا لما قدمته د.حمد وان شاء الله بيننا لقاء قريب ، في عالم ريادة الاعمال و يسرني ان تكون احد الموجهين و المرشدين الذين اعتمد عليهم في تطوير و النهوض بأعمالي الخاصه بكل شغف و حيويه كما كان الحال في مقرر ريادة الأعمال 😀
تحياتي لكالملخص لكم أحمد العبري
دراسة الجدوى طريقة ايصال
عذرا اخطاء املائية لاني اتصفح من الهاتف
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
العفو يا أحمد، أشكرك على كلماتك الطيبة، والتي أحيت ذكريات جميلة.،لم أقم إلا بالواجب والحمدلله على توفيقه.
لقد كنتَ بحق من الطلبة الجادين والمجتهدين الذين يسهلون عمل الاستاذ. أنت وصاحبيك بطبيعة الحال!
أسأل الله أن يوفقك في ريادة الأعمال وعلى الصبر في تجاوز هذه المرحلة الصعبة.
[…] تحدثت في مقالة نحو المستقبل، لم يكن الطريق المستهدف واضح الملامح، وإنما كان […]