انقلاب مصر

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان )
رواه مسلم

وقال أيضا عليه الصلاة والسلام:
(مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم و تعاطفهم مثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّىّّ)
رواه مسلم

مؤلم جدا ما يحصل في مصر اليوم..

فبعد أن فرحت الأمة بثورة 25 يناير، يأتي اليوم من يجمد المسيرة بل ويسعى – بقصد أو بدون قصد – إلى تقديم مصالح البعض على حساب أغلبية الشعب..

الحقيقة التي لا ينكرها أي منصف هي أن الشعب المصري قد اختار رئيسه وبرلمانه ودستوره عن طريق صناديق الاقتراع..

وهذا يعني أن النسبة الغالبة من الشعب قد قالت كلمتها ويبقى إعطاء الوقت الكافي لمن حُمّلوا الأمانة أن يبذلوا جهودهم لوضع مصر في بداية حقبة مشرقة جديدة..

فبعد تنحي مبارك نتيجة لثورة 25 يناير المجيدة، دخلت مصر مرحلة انتقالية لم تكن سهلة.. ولكنها توجت
بمجلس شعب منتخب
، ومن ثم بانتخاب الدكتور محمد مرسي رئيسا لمصر
بنسبة 51.73٪ من الاصوات
في انتخابات نزيهة أقر منافسه شفيق فيها بالهزيمة..

ورغم المواجهة الحامية التي تعرض لها الرئيس مرسي في سنته الرئاسية الأولى وبذل عدد من رموز المعارضة وبقية من فلول مبارك كل جهودهم لتعطيل مسيرته، فإنه قد حقق
انجازات
جيدة كانت قد وضعت مصر في بداية الطريق، منها:

اقرار الدستور بتصويت 63.8٪ من الناخبين

لقاءات مع اسر الشهداء بدون موعد

انشاء ديوان المظالم لرفع شكاوي المواطنين

تعديل قانون الجامعات لتكون جميع مناصبها بالانتخاب وزيادة بدل الاساتذة

اعفاء آلاف الفلاحين من رسوم وديون

إقرار 15٪ علاوة للعاملين بالدولة

إقرار انشاء اسواق بديلة بقيمة 72 مليون جنيه للباعة المتجولين

سحب 26 مليون متر مربع لمستثمرين غير جادين بخليج السويس

إعلان بورسعيد منطقة حرة

وعلي الصعيد الخارجي، قام الرئيس مرسي بوضع البذور لمستقبل اقتصادي أوسع بتقوية العلاقات مع دول محورية مثل
تركيا
و
الصين
و
ايطاليا

وبعقد اتفاقيات مهمة مثل اتفاق انشاء مصنع كبير
لسامسونج في مصر

كما لا يجب أن ننسى موقفه المشرف من العدوان الاسرائيلي على غزة
..

لا نقول أن الرئيس مرسي ملاك وأنه لم يخطيء أبدا وأن كل معارضيه شياطين.. ولكن نقول أن الرئيس أولا أتى بانتخابات شعبية نزيهة وثم قام بخطوات معتبرة في سبيل بناء عهد جديد لمصر.. وإن لم يرضى به قسم من الشعب فكان الأولى بهم استمرارهم في الحوار والمشاركة في البناء ومن ثم اللجوء إلى صناديق الاقتراع عقب نهاية الفترات الرئاسية والبرلمانية..

ولكن أن يتم رمي أصوات غالبية الشعب للرئيس والبرلمان والدستور في البحر، فهذه جريمة منكرة.. فأن يقوم قائد الجيش بعزل رئيس منتخب وحل مجلس منتخب وتعطيل دستور أقره ثلثي ناخبو الشعب، هو انقلاب صريح وإن تم بدعم شطر معتبر من الجماهير..

ففي الوقت الذي لا يزال العرب منقسمين حول الاعتراف بحقيقة ما حدث، نجد المحايدين الموضوعيين قد سمّوا الانقلاب انقلابا، ونرى ذلك في مواقع

ويكيبيديا الانجليزية
والفرنسية
والايطالية
والاسبانية
والبرتغالية
والصينية
والهندية
وغيرها..

ولكن معارضي الرئيس المنتخب يرفضون تسمية “الانقلاب”، ويرفض معهم البيت الأبيض الامريكي كذلك هذه التسمية لانها ستضطره
إلى وقف المساعدات الأمريكية السنوية
للجيش المصري والبالغة المليار ونصف المليار دولار..

يقول قائد الانقلاب الفريق السيسي انه قام بفعلته استجابة لنداء الشعب المصري وانهاءا لحالة الصراع والانقسام في البلد..
ولكننا نتسائل أليس مؤيدو الدكتور مرسي جزءا من الشعب؟ ألم يختاروه رئيسا عبر صناديق الاقتراع؟ ألم يتمكن من قيادة جهود كتابة دستور أقره ثلثي الناخبين المصريين؟

كيف يقول الفريق السيسي انه استجاب لنداء الشعب متجاهلا نتائج الانتخابات ومتجاهلا الحشود المؤيدة للرئيس المنتخب في كل بقاع مصر؟ ولماذا تم اغلاق قنوات تلفزيونية عديدة واعتقال رموز وقيادات سياسية بعد الانتخابات؟ وماذا عن الاعتداء على جموع مؤيدي الرئيس المنتخب؟ ماذا عن مذبحة الحرس؟ هل دماء هؤلاء رخيصة إلى هذا الحد؟

الحقيقة التي تظهر لنا هنا هي أن الفريق السيسي تحرك نزولا عند رغبة شطر من الشعب لم يحصل على غالبية الاصوات في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وفي التصويت على الدستور.. وأنه تحرك ضد الشطر الآخر الفائز في صناديق الاقتراع، بل وانه اتهمهم بالارهاب! ولا ندري كيف يرمي بهم هذه التهمة لمطالبتهم السلمية بحقهم المسلوب، متناسيا اعتداء جنودهم وبلطجيته عليهم!

وأخيرا،
إن كان هناك من لم يحسم موقفه بعد من الانقلاب، فليقارنه
بموقف اسرائيل التي لا تتوانى عن دعس حقوق المسلمين وكرامتهم من اجل مصالحها..

وهنا نرى أن رئيس الوزراء نتنياهو يخرج
برد فعل ايجابي
من الانقلاب ومتهما ما يسميه ب”الاسلام السياسي” بالضعف، ومتفائلا بانهاء حالة جمود التواصل بين اسرائيل ومصر..

والادهى من ذلك أن الرئيس الاسرائيلي بيريز
قلق من النتائج الكارثية
للدعم الاسرائيلي للانقلاب في مصر.. ومعربا عن عدم ثقته من نجاح الانقلاب وعن خشيته من ردة الفعل المصرية تجاه اسرائيل..

وفي المقابل، فلنقارن موقفنا من الانقلاب بموقف الشعب الفلسطيني والذي نجده مساندا للرئيس المصري المنتخب حتى أنهم علّقوا صورته في أشرف بقاع فلسطين، في المسجد الأقصى الشريف..

 

4 أفكار على ”انقلاب مصر

  1. بدأ بنيانكم بالتآكل والترنح..نسأل الله الخير والعافية لأخيار وشرفاء مصر..

أثري المقالة بتعليقك