إبراهيم علي .. الإسلام في أمريكا (٢ من ٣)

نبدأ الجزء الثاني من مقابلة إبراهيم علي بعد حادثة سرقة الهلال! إرجع للجزء الأول هنا

ح: ولكن هل تقابل مثل هذه المواقف كثيرا في أمريكا؟ أن يراك الأمريكيون كمسلم مع عائلة مسلمة؟

إ: تقريبا معظم المواقف ولله الحمد سبحانه وتعالى.. لا تحس بفرق .. أنهم ينظرون إليك نظرة كراهية.. أنهم أفضل منك مثلا.. لم أحس بها كثيرا.. بفضل الله سبحانه وتعالى..

ح: بفضل الله سبحانه.. ولكن هل هي أيضا طبيعة للشعب الأمريكي؟

إ: لا أعلم.. فالشعب الأمريكي حريص على

ح: مخافة القانون؟

إ: نوّر الله عليك .. نعم .. فلا تعرف ما خفي.. ولكن طالما أن هذا هو الظاهر أمامك، فالحمدلله رب العالمين ..

ح: فإذاً الجو العام.. البيئة.. مناسبة لوجود الإسلام.. رغم بعض المشاحنات والمواقف .. فلا يزال الجو العام مناسبا.. والآن تحسنت الأمور؟

إ: بالنسبة للعوام، فالحمدلله لا تحس بتحسن أو بسوءولكن بعض الإذاعات ووسائل الإعلام.. تحس من خلال كلامهم بكره كبير .. وهناك أيضا بعض المذيعين على فوكس مثلا يتكلمون عن الإسلام بأسلوب غير مناسب .. ولكن هناك بعض الأمريكيين يردون عليهم بأقوى مما يرد عليهم المسلمون! بفضل الله..

ح: ولما لا يرد المسلمون بنفس القوة؟

إ: ستكون صعبة .. الأمريكي يعرف حقه وأنه محمي بالقانون ويستطيع أن يعبر عن رأيه بحرية .. وإنما المسلم مهما يكن.. لا يستطيع أن يكون بنفس الجرأة.. فالأمريكي ليس له نفس الغرض .. فعندما يتكلم المسلم من منطلق إسلامي قد يؤيد بشكل غير مباشر الفكرة السيئة للشخص الذي يهاجم الإسلام.. ولكن أرى أن هذا أفضل .. عندما ترى شخصا ما يتمادى في الإساءة .. بفضل الله سبحانه وتعالى، يعرف أنه قد أخطأ.. حتى أنه كان هناك برنامج تلفزيوني من حوالي اسبوعين .. كانوا قد استضافوا مذيعا .. وقال أن المسلمين هم من هاجمونا في الحادي عشر من سبتمبر .. فلما قالها، غادرت مذيعتان اخريتان البرنامج! قالوا له، أنت تتلفظ بعبارات كره للمسلمين ..

ح: ولكن لم يكن هذا البرنامج في فوكس؟

إ: لا لا، لم يكن في فوكس .. ولكن هذا المذيع (الذي تهجم على المسلمين) كان من فوكس، أما الباقي لا.. فهكذا.. عامة يأتي الرد من غير المسلمين بشكل أقوى ..

ح: فإذاً مع وجود المشاكسات أحيانا، هناك حماية وهناك أناس ذوو عقول متفتحة .. ولكن ماذا عن الجو العام هنا بالنسبة لك كمسلم في أمريكا.. مقارنة بالدول العربية والإسلامية.. ما الفرق الذي تجده؟

إ: سبحان الله! هناك في العالم العربي والإسلامي .. الأهل والأصدقاء والناس من حولك .. يحسسونك بالدفع أو بالتشجيع أنك مسلم .. فهناك ترابط وتأثير اجتماعي.. أما هنا، سبحان الله .. أنت حر .. فالطريقين أمامك .. طريق الفساد أمامك ولا يعرف أحد عنك شيئا .. وطريق الإسلام القويم أيضا أمامك بفضل الله سبحانه وتعالى، ولا يعرف أحد عنك شيئا.. فلما تتخذ طريق الإسلام، بفضل وكرم من الله سبحانه وتعالى .. فتحس أنك تتخذ هذا الطريق ليس لأن أحد من أقاربك يراك .. أو أن أباك حولك.. وإنما تقوم به لوجه الله سبحانه وتعالى .. وهذا الغرض الأساسي.. فتجد هنا تقريبا قوة أكبر من داخلك أنت .. فالمسألة مسألة إخلاص .. فمعظم الناس هنا يتعرفون على بعضهم لوجه الله سبحانه وتعالى .. وليس لأنني أنتظر منك خدمة أو أنك تريدني أن أفعل لك كذا .. فهو لوجه الله تعالى..

ح: وماذا عن الخلافات؟ عندما تكون في بلد إسلامي واحد ويكون الناس من حولك عادة من نفس المذهب ونفس التفكير.. الكل محافظ على عادات معينة .. وفي أمريكا أناس من كل العالم .. وقد يكون مسجدنا في لافايت ولله الحمد من المساجد المثالية في ناحية الوحدة بين المسلمين .. كيف تم التوفيق هنا من خلال تجربتك بين المسلمين ..وأنت تعلم أن هناك مناطق في أمريكا بها مساجد على حسب المذهب أو العرق.. ما هو السر؟

إ: نعم نعم.. هناك بعض المناطق هنا في أمريكا تكون كذلك.. وهنا ربما لأن المجتمع الطلابي بالنسبة لمسجدنا .. فمعظمهم طلبة من مختلف أنحاء العالم .. ومستوى تفكيرهم ولله الحمد عالي.. فترى بعض الأمور الخلافية هنا ليست بتلك القوة ولا بذلك البروز .. فهم يتعاملون في الجامعة مع جنسيات وأديان أخرى .. فحينما يأتون إلى المسجد .. مثلا، عندما يأتي شيعة عندنا للصلاة لله سبحانه وتعالى .. طالما أنهم لا يفرضون علينا شيئا وطالما أنهم مسالمون ويأتون للعبادة لا للمشاكل .. فلن يمنعهم أحد ..

ح: مع الحفاظ على التوجه العام للمجمتع هنا؟

إ: نعم طبعا .. التوجه العام المعروف للمسجد هو المحافظة على القرآن والسنة وإتباع الرسول عليه الصلاة والسلام .. وهذا ما يتبناه أهل المسجد .. ولكن هذا لا يمنع أن يأتي شيعي ويصلي في المسجد، فلن يتعرض له أحد .. ولكن لا أن يخطب في الناس وما إلى ذلك..

ح: هناك أحيانا اختلافات بسيطة .. مثل مسألة اللحوم .. هناك رأي سائد وله علمائه بأنك تستطيع تناول اللحوم هنا، بحكم أنها من طعام أهل الكتاب .. وهناك الرأي الآخر .. أن اللحوم يجب أن تكون ذبائح إسلامية .. فكيف توفقون بين هذا وهذا؟ .. في مناسبات الوجبات العامة المشتركة مثلا ..

إ: نعم نعم .. سبحان الله .. هذه النقطة فيها اختلاف للعلماء.. ولكن عندما تجتمع مجموعة كبيرة من المسجد من الطائفتين، فأنت تعلى بفكرك .. فترى الأمر الذي توافقه الطائفتان.. فالذبيحة الإسلامية تسعد هؤلاء ولا تجد المعارضة من هؤلاء .. فتتبنى هذه الفكرة الذكية .. فلا تحصل مشاكل..

ح: وقرارات مثل هذه لم تأتي عبطا؟

إ: لا كيف هذا (يبتسم)؟ بُحثت هذه المسألة كثيرا .. في البداية لم تكن هناك مشاكل .. فعندما يريد أحد أن يحضر طعاما للمسجد يدعو الناس إليه.. فكان يفعل ذلك، ولا يسأله أحد .. ولكن بدأ أصحاب رأي الذبائح الإسلامية يطالبون .. (فتم الإتفاق على ذلك) .. وطالما ان هناك مشاكل صغيرة كهذه ممكن التعامل معها والتغلب عليها بسهولة..

ح: وماذا عن غير المسلمين؟ طبعا المسجد رمز للإسلام .. ويمثل الوجود الإسلامي الرسمي في لافايت .. فهلا حدثتنا قليلا عن العلاقة مع غير المسلمين والأنشطة الموجهة إليهم؟

إ: نعم .. طبعا في مثل هذا المجتمع ذو الغالبية الغير مسلمة .. يمكنك أن تأخذها كفرصة لأن تعرّف الناس بالإسلام بعكس ما يرون في وسائل الإعلام، ذاك الوجه المخيف بأن المسلمين إرهابيين وغير ذلك من الكلام الفارغ .. فتعرّفهم على الإسلام بنية خالصة لوجه الله سبحانه وتعالى، وتحاول أن تعرض عليهم الإسلام الذي بعث به الله محمدا صلى الله عليه وسلم .. وبعد ذلك، ليس بيدك هدايتهم أو غير ذلك.. وإنما هذه فرصة لكسب الحسنات من الله سبحانه..

ح: وما هي الأماكن التي زرتموها في هذا السياق؟

إ: لأن المسجد في وسط الجامعة، ولأن هناك الكثير من الطلبة يدرسون مقررات تعلمهم ديانات العالم.. ولهم مشاريع طلابية تطلب منهم أن يقابلوا أناسا من ديانات أخرى ويتحدثوا معهم .. فتأتينا كثيرا دعوات من الجامعة فنذهب إلى الفصول ونقدم لهم الإسلام .. وبماذا يؤمن المسلمون وكيف يفكرون .. وهذا في جامعة بوردو (Purdue University) وجامعة أهلية قريبة وغيرهما، حتى المدارس الثانوية والإعدادية، وحتى الإبتدائية! سبحان الله رب العالمين .. ونحن نتلقى تقريبا في كل فصل دراسي ما لا يقل عن 10 إلى 15 دعوة لنذهب ونقدم لهم الإسلام .. والمسجد أيضا مفتوح لغير المسلمين، فهناك أوقات محددة يستطيعون المجيء والسؤال.. وحتى في غير هذه الأيام.. فنحن نعتبرها فرصة لتقديم الإسلام لهم..

هنا ختام الجزء الثاني من المقابلة.. تابع الجزء الثالث من هنا

فكرة واحدة على ”إبراهيم علي .. الإسلام في أمريكا (٢ من ٣)

أثري المقالة بتعليقك