مصلون هنا.. وراقصون هناك

((تم ادراج هذه المقالة ضمن ٧٠ مقالة مختارة من المدونة في كتاب “تــأمّــلات” للكاتب الدكتور حمد العزري))
نصف ساعة لمنتصف الليل..

ليلة نهاية الأسبوع في مدينة جامعية..

وأمامي منظران يشتركان في أمور ويختلفان في أمور..

يشتركان في مبنيين يخرج من كل منهما رجال ونساء قضوا فيه ما يقرب الساعتين هذه الليلة..

ويخرجون إلى سياراتهم راجعين إلى بيوتهم..

والاختلاف بين المنظرين عجيب..

يخرج من المبنى الأول رجال ونساء بل واعداد من الاطفال المراهقين..

يرتدي كل منهم لباسا نظيفا ساترا.. يشع النور من وجوههم التعبة من جهد قيام قرأ الإمام فيه جزءا كاملا من القرآن..

ويخرج من المبنى الثاني رجال ونساء في سن الشباب..

يرتدي اغلبهم لباسها فارها، والنساء كاسيات عاريات.. تبدو في وجوههم علامات البهجة والضحكات بعد جهد قضاء ليلة في الرقص والغناء والشرب!!

يشترك المبنيان أيضا انهما بمثابة ملاذ لكلا الفريقين..

المبنى الأول مسجد، هو ملاذ للمسلمين في بلاد الغربة.. وملاذ به جو إيماني رمضاني مشرق على عكس بقية مناطق المدينة..

المبنى الثاني سكن كبير لمجموعة من الطلبة.. هو ملاذ لهم من تعب الدراسة والعمل، حيث يقضون فيه ساعات يفعلون ما يشائون من متع وملذات الدنيا..

يشترك المبنيان أيضا بمكبرات الصوت الداخلية..

حيث يملأ المسجد صوت القرآن الكريم مما يضفي جوا إيمانيا بديعا يريح الحاضرين..

ويملأ المبنى الآخر صوت الموسيقى الصاخبة مما يضفي جوا يرطب له الحاضرين!!

والمسافة بين المبنيين قصيرة، بل بينهما أمتار فقط..

وهناك مواقف عامة للسيارات على جانبي الطريق الذي يمر أمام المبنيين.. والعجيب أن الخارجين من المبنيين يتداخلون وهم يمشون في طريقهم إلى سياراتهم المتناثرة على طول الطريق!

كلُّ في طريقه.. وكلٌّ أدى ما أراده الليلة..

فريق أراد الآخرة، فاجتهد في القيام أملا ورجاءا في رحمة الله سبحانه وجنة عرضها السماوات والأرض فيها ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على بال بشر..

وفريق أراد الدنيا، فكانت هذه الحفلة جنته ومبتغاه من رقص وغناء وخمور واختلاط! ولا يدري أو يتجاهل ما سيقابله من حياة أبدية بعد الموت!

سبحان الله!

لا اقول ان المسلمين قد عمروا الأرض اليوم كما امرهم الله.. نعم لهم ذنوب، نعم مقصرون، ولكنهم على الأقل تمسكوا بما استطاعوا التمسك به وتعرضوا لنفحات الله في رمضان… اللهم تقبل منا جميعا صيامنا وقيامنا وصالحات أعمالنا..

ولا أقول أن غير المسلمين كلهم شرور أو امنعهم حق اختيارهم لطريقة حياتهم، ولكن الموقف بيّن أن من عمل للدنيا فقط لا يمكن أن يترجى شيئا في الآخرة.. نسأل الله أن يهديهم سواء السبيل ويرشدهم إلى ما سينجيهم من عذابه..

فكرة واحدة على ”مصلون هنا.. وراقصون هناك

  1. (التعليقات على الموقع القديم)=== اضيف في 09 رمضان, 1430 09:54 م , من قبل ابراهيممن الولايات المتحدةالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخى حمدجزاكم الله خيرا على هذه الفتة الطيبة وهدانا الله واياهم سواء السبيل.وندعو الله ان يتقبل منا ومنكم صالح الاعمال.أخوك ابرااهيم===اضيف في 09 رمضان, 1430 10:51 م , من قبل halazri2006وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أخي ابراهيمآمين وإياكم..اللهم ثبتنا وأعنّا على انفسنا وتقبل منا يا رباشكر لك وجودك الدائم===اضيف في 10 رمضان, 1430 09:02 ص , من قبل majidalfarsiمن عُمانسبحان الله وبحمدهسبحان الله العظيمالحمدالله على نعمة الإسلام، ثبتنا الله وإياكم على طريق الهداية وجعلنا الله من الذاكرين المتعظين المتدبرين المتأملين في سننه وأحكامهجزاك الله خيرا حمد===اضيف في 11 رمضان, 1430 12:56 ص , من قبل halazri2006أخي العزيز ماجدآمين وإياكمبانتظار ابداعاتكاسعدني مروركاضيف في 15 رمضان, 1430 02:05 م , من قبل حــمــيــدمن لإمارات العربية المتحدةالحمدالله على نعمة الإسلام===اضيف في 15 رمضان, 1430 04:29 م , من قبل halazri2006أخي حميدالحمدلله رب العالميننسأل الله أن يهدينا جميعا ويثبتنا على الحقاضيف في 18 رمضان, 1430 06:50 م , من قبل محمد الجرايحىمن مصرأخى الحبيب: حمدالسلام عليكم ورحمة الله وبركاتهنعم هما صورتان يحكمهما التناقض البين، وقد عبر قلمك بكلمات من نور عن صورة المصليين ، وبحزن وأسى عن الراقصين..ولكن أخى يتبادر إلى ذهنى سؤال ..ألم يكن يحق لأصحاب الصورة الأولى أن يكون لهم دور مع أصحاب الصورة الثانية..؟؟؟أعتقد أن واجب الدعوة والنصح والإرشاد مهماً ..لك التبليغ وليس عليك البلاغ.تقبل أخى تقديرى واحترامىأخوكمحمد===اضيف في 20 رمضان, 1430 09:28 ص , من قبل springtime3السلام والرحمة…..وبضدها تعرف الأشياء…..لو لم تكن صورة اللاهيين استوقفت أفكارك…لما استطاع عقلك المقارنة ومن ذلك استحسان صورة العابدين الساجدين بذلك العمق….أختك springtime3===اضيف في 20 ذو القعدة, 1430 07:02 م , من قبل halazri2006أخي العزيز محمد،وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،اعتذر عن التأخر في الرد، فبين رمضان والدراسة ثم مقالات الانترنت غفلت عن تعليقك الطيب.بارك الله فيك أخي.. نعم لهم علينا حق الدعوة مع تركهم احرارا في اتباعها أم لا.. لقد دعوت الله لهم ولكن الواجب اكثر من ذلك.جزاك الله خيرا واعذرني مرة اخرى.===اضيف في 20 ذو القعدة, 1430 07:07 م , من قبل halazri2006اختي الكريمة springtime3اعتذر عن التأخر في الرد على تعليقك الطيب الثاقب.سبحان الله، نعم كان لهذا التضاد بين المشهدين مع التشابه في الأدوات أثره الكبير في استبصار جمال ونقاء العابدين.جزاك الله خيرا

أثري المقالة بتعليقك